مزاد الاعلانات: كيف تعمل الاعلانات الممولة؟

مزاد الاعلانات هو الآلية التي تعتمد عليها المنصات الرقمية لعرض الاعلانات الممولة. عند كل فرصة لعرض إعلان، تدخل مجموعة من الإعلانات في مزاد لحظي يتم خلال أجزاء من الثانية
ولم يعد الأمر مجرد دفع مقابل الظهور، بل أصبح يعتمد على ذكاء المزايدة وفهم عميق لكيفية تقييم كل إعلان لحظة بلحظة.

ومع تغيّر طريقة عمل هذه الأنظمة، باتت المنصات تقيّم الإعلانات وفق معايير تتجاوز السعر.
فالمسوّق الناجح هو من يعرف كيف يعمل هذا النظام ويطوّع عناصر الجودة والملاءمة لصالحه، لا من يكتفي فقط بتقديم أعلى سعر.

في هذا المقال، سنوضح كيف تعمل المزادات، وما الذي يمنع إعلانك من الظهور حتى وإن دفعت أكثر من منافسيك

ما الذي يحدث فعليًّا داخل مزاد الاعلانات؟

عندما يحدد المعلن سعر النقرة أو الظهور أو التحويل، فهو يدخل تلقائيًا في مزاد الاعلانات.
في تلك اللحظة، تبدأ المنصة عملية تقييم سريعة للمنافسين الذين يستهدفون نفس المساحة الإعلانية.

وبينما تتنافس عدة اعلانات في الوقت نفسه، تمنح المنصة الأفضلية للإعلان الذي يحقق أعلى نتيجة في المفاضلة.

وفي النهاية، تعرض المنصة الاعلان الفائز للمستخدم في المساحة المتاحة، باعتباره الأكثر توافقًا مع معاييرها.

يعتقد البعض أن الفوز في المزاد يعتمد فقط على تقديم السعر الأعلى. لكن الحقيقة أن المنصات مثل جوجل وميتا تأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل أخرى. من أهمها:

• معدلات الإجراءات المتوقعة: وهي تقديرات تقوم بها المنصة بشأن احتمالية تفاعل المستخدم مع الاعلان، استنادًا إلى سلوكياته وبياناته السابقة.

• جودة الإعلان: وتشمل جودة الصور، والأسلوب المستخدم في كتابة المحتوى، ومدى استخدام الكلمات المفتاحية المرتبطة بالمجال المستهدف.

تستخدم ميتا وجوجل مقياسًا يُعرف باسم “معدلات الإجراءات المقدّرة” (Estimated Action Rates) لتقييم الاعلانات. يعتمد هذا المقياس على تحليل سلوك المستخدم وبياناته. الهدف هو التنبؤ بما إذا كان المستخدم سيتخذ إجراءً مثل النقر أو التفاعل.

عندما ينشئ المعلن اعلانًا يركّز على جذب النقرات فقط، دون محتوى فعلي، تُصنّفه المنصة كـ “طُعم نقر” (Clickbait). في هذه الحالة، ترى المنصة أن الإعلان لا يقدم قيمة حقيقية. لذلك، تقلّل من فرص ظهوره في مزاد الإعلانات.

وعند استخدام أسلوب يحفّز التفاعل لأجل الأرقام فقط، دون تقديم مضمون حقيقي، تصنّف ميتا هذا النوع على أنه “طُعم تفاعل” (Engagement Bait). المنصة تعتبر هذا النوع غير مفيد للمستخدم. وغالبًا ما تقلّص انتشاره حتى لا يؤثر سلبًا على التجربة العامة.

لهذا السبب، يحتاج المعلن إلى تقديم اعلان يركز على المحتوى الجيّد ويعرض قيمة حقيقية للجمهور. عندما يفعل ذلك، تزيد فرص ظهوره في المزاد، ويحقق نتائج أفضل بمرور الوقت.

يمكن تلخيص آلية مزاد الاعلانات في الصورة التالية:

من ناحية أخرى، تختلف آلية الترتيب في ميتا قليلًا عن جوجل، إذ لا تعتمد ميتا على “درجة الاعلان” بشكل مباشر، بل تقيّم ملاءمة الاعلان للمستخدم. فهي تركّز على عرض الإعلانات التي يُحتمل أن يتفاعل معها المستخدم ويجدها مفيدة.

في المقابل، يعتمد جوجل على مطابقة الاعلان مع نية البحث لدى المستخدم. هذا يعني أن جوجل يهتم بما يبحث عنه الشخص، بينما تهتم ميتا بما يثير اهتمامه أو ينسجم مع سلوك تصفحه.

علاوة على ذلك، تولي ميتا اهتمامًا كبيرًا لتجربة المستخدم داخل منصاتها. فكلما زاد تفاعل المستخدمين مع الإعلان ووجدوه مناسبًا لاهتماماتهم، زادت فرص ظهوره في مزاد الاعلانات.

وإذا كان اعلانك يوجّه المستخدم إلى صفحة هبوط، أو إذا كنت تروّج لموقع يظهر في محرك البحث، فإن المنصة ستقوم بتقييم الموقع نفسه. فهي تراجع عدة عناصر مثل سرعة التحميل، مستوى الأمان، وتنظيم المحتوى. كما تقيّم جودة الروابط الخلفية التي تشير إلى موقعك، لأنها تعكس مصداقيته وقوته.

معايير الاعلانات في ميتا وتأثيرها على مزاد الاعلانات:

تضع ميتا مجموعة من الشروط والممنوعات التي يجب على المعلنين الالتزام بها. عند تجاوز هذه السياسات، قد تعرّض صفحتك للحظر أو تؤدي إلى تقليل ظهور اعلانك. إضافة إلى ذلك، ترفض ميتا أي إعلان يحتوي على محتوى عنيف، إيحاءات غير لائقة، أو مواد محظورة مثل:

1. الاعلانات التي تحتوي على تمييز

تحظر ميتا الاعلانات التي تحتوي على تمييز عند استهداف الفئات. ينطبق ذلك خصوصًا على الإعلانات المتعلقة بالخدمات العامة، مثل الإسكان، والتوظيف، والتمويل. لا يُسمح للمعلنين باستهداف فئة عمرية محددة، أو حالة اجتماعية معينة (مثل الأزواج دون أطفال)، أو تقديم تسهيلات لفئة أو عرق معين دون الآخرين.

2. إعلانات منتجات التخسيس والتجميل

إذا كنت تروّج لمنتجات فقدان الوزن أو لأي خدمات تجميلية مثل الحقن أو العمليات الجراحية، فعليك الالتزام بمعايير دقيقة.
تمنع ميتا الاعلانات التي تروّج لمعايير غير واقعية للجمال، أو التي تنتقد مظهر الشخص الحالي بشكل مباشر. كما تمنع المنصة الترويج لهذه المنتجات لمن تقل أعمارهم عن 18 عامًا.

3. استخدام صور المقارنة “قبل وبعد”

وضّحت ميتا في دورات الاعلانات الخاصة بها أنها تمنع استخدام الصور أو النصوص التي تعرض مقارنة “قبل وبعد”. ينطبق هذا الحظر بشكل خاص على الاعلانات المرتبطة بالصحة أو الجمال، لأنها غالبًا ما تبالغ في عرض النتائج أو تقدّم وعودًا غير قابلة للتحقيق.

4. منصات تداول العملات الرقمية والخدمات المرتبطة بها

تشمل هذه المنصات التطبيقات أو البرمجيات التي تتيح للمستخدمين شراء أو بيع عملات رقمية مثل البيتكوين أو الإيثريوم. كما تشمل الأدوات التي تساعد على استثمار العملات الرقمية أو تحقيق أرباح من خلال البيع أو الاستبدال. تعتبر ميتا هذه الأنشطة حساسة، ولذلك تطلب من المعلنين الحصول على إذن كتابي مسبق قبل نشر أي إعلان يندرج تحت هذا النوع.

5. انتهاك حقوق الملكية الفكرية

تمنع ميتا بشكل صارم الترويج أو بيع أي منتج مقلّد ينتهك حقوق العلامات التجارية أو حقوق الطبع والنشر. كما تحظر استخدام مقاطع الفيديو أو الموسيقى المحمية بحقوق الملكية دون إذن صريح من أصحاب الحقوق. على سبيل المثال، إذا استخدم المعلن أغنية محمية داخل إعلان أو منشور دون ترخيص، فإن ميتا قد تزيل المحتوى أو تحظر الإعلان بالكامل.

كل هذه السياسات التي تفرضها ميتا لا تُعد مجرد إرشادات عامة، بل تؤثر بشكل مباشر على فرص إعلانك في الظهور داخل مزاد الاعلانات. فكلما التزمت بالإرشادات، وقدّمت محتوىً قانونيًا وشفافًا وذو قيمة حقيقية، زادت فرص إعلانك في المنافسة.

في المقابل، أي مخالفة للمعايير – مثل استخدام صور مضللة، أو محتوى تمييزي، أو انتهاك للملكية الفكرية – تؤدي إلى تقليل ظهور إعلانك، أو استبعاده نهائيًا من مزاد الاعلانات. لذلك، فإن فهم هذه الشروط وتطبيقها بدقة لا يضمن فقط سلامة الإعلان، بل يعزّز أيضًا فعاليته في الوصول للجمهور المناسب في الوقت المناسب.

ويمكنك قراءة جميع معايير ميتا للحصول على رؤى أفضل حول كيفية إعداد إعلان ناجح ومتوافق مع السياسات.

في النهاية، تعتمد شركات مثل جوجل وميتا على نموذج عمل ذكي يوازن بين تجربة المستخدم وتحقيق أهداف المعلنين. هذا التوازن لا يُبنى على السعر فقط، بل على تقديم إعلانات ذات جودة، وملاءمة دقيقة لاهتمامات الجمهور.

كلما كان المحتوى الإعلاني صادقًا، وذو صلة حقيقية بالمستخدم، زادت فرصه في الظهور، وتحقيق نتائج ملموسة. فالمعلن الناجح هو من يفهم آلية مزاد الاعلانات، ويطوّع أدواته بناءً على تحليل البيانات وسلوك الجمهور.

لذلك، لا يكفي أن تدفع أكثر لتربح، بل يجب أن تبني إعلانك بذكاء. اجعل مزاد الإعلانات يعمل لصالحك، من خلال تقديم قيمة حقيقية، وتجربة إعلانية تحترم المستخدم وتخاطب احتياجه الفعلي.

هل تحتاج إلى حملة ممولة فعّالة؟

لأن نجاح التسويق لا يعتمد على الاعلان فقط، بل على جودة العمليات الداخلية ووضوح أهدافك، نقدم لك خدمات تطويرية تساعدك على بناء أساس قوي يجعل حملاتك أكثر صدقًا وفعالية.