تاثير ديكوي: الخدعة التي تجعلك تنفق اكثر
تاثير ديكوي (Decoy Effect) او تاثير الطعم هو استراتيجية تسويقية تتبعها الشركات، حيث تُقدم خياراً ثالثاً “مشتتاً” (يُعرف بالطعم) بجانب خيارين أصليين. هذا الخيار الثالث، الذي غالباً ما يكون غير جذاب بحد ذاته، تصممه الشركات لجعل أحد الخيارات الأصلية يبدو أكثر جاذبية أو “أفضل قيمة” في أعين المستهلكين، فيدفعهم نحو شرائه بدلاً من الخيار الآخر. الهدف الأساسي من الطعم ليس بيعه، بل التحكم بإدراك المستهلك للقيمة لتفضيل منتج أو خدمة معينة.
هذه الظاهرة المذهلة تستغل طبيعة قراراتنا البشرية. فنحن لسنا عقلانيين دائماً في اختياراتنا، بل نتأثر بالسياق وكيفية تقديم البدائل لنا. غالباً ما تجد نفسك في حيرة بين خيارين متقاربين. عندها يتدخل الخيار الثالث (الديكوي). هذا الخيار قد يبدو بلا قيمة أو غير منطقي بحد ذاته. لكنه، وبشكل سحري، يوضح لك الأفكار المشتتة. إنه يحدد الاختيار الذي تراه مناسباً، أو الذي يراه مقدم المنتج أو الخدمة مناسباً لك
هذا التأثير يُعرف أيضاً باسم “تأثير الهيمنة غير المتماثلة”. فهو يؤكد وجود تحيز معرفي في اتخاذ القرار. على وجه التحديد، يتغير تفضيل المستهلك بين خيارين أصليين (الخيار المستهدف والمنافس) عند إضافة خيار ثالث “مخادع” (Decoy). هذا الخيار “المسيطر بشكل غير متماثل” يبرهن أننا لسنا دائماً عقلانيين في اختياراتنا. بل نتأثر بالخيارات المعروضة والسياق المحيط بنا.
كيف تستخدم نتفلكس تاثير ديكوي؟
يمكننا النظر إلى تسعيرات خدمة بث المحتوى الشهيرة Netflix:

من المنطقي ان الخطة Standard سعرها 7.99 دولارات شهرياً. هذا يعني زيادة قدرها 4 دولارات عن الخطة Basic. الخطة Basic تبلغ 3.99 دولارات. تبدو هذه الزيادة منطقية تماماً. وتبررها الميزات الإضافية التي تقدم. تشمل هذه الميزات جودة 1080p Full HD. كما أنها توفر دعم جهازين للمشاهدة في وقت واحد. وهذه كلها تحسينات واضحة للمشتركين
ولكن عندما نقارن الخطة القياسية بالخطة Premium ، يبرز تأثير الطعم بوضوح. الخطة Premium تبلغ 9.99 دولارات شهرياً. أي انها تزيد بدولارين فقط عن الخطة القياسية Standard. مقابل هذه الزيادة الطفيفة التي لا تتجاوز دولاران لاشتراك Premium، يحصل المشترك على قيمة مضاعفة بشكل كبير و القدرة على توصيل ضعف عدد الأجهزة التي تدعمها الخطة القياسية (أي 4 أجهزة بدلاً من 2).
بالإضافة إلى جودة 4K Ultra HD ودعم HDR والصوت المكاني (Spatial Audio). هذا يجعل الخطة القياسية تبدو أقل جاذبية بشكل كبير مقارنة بالخطة الممتازة، مما يدفع المستهلكين نحو الخيار الأعلى قيمة للشركة.
لماذا تستخدم الشركات تاثير ديكوي ؟
1- رفع مستوى الربحية.
تعد الديكوي فعالة للغاية في رفع الأرباح الإجمالية للشركات. فعندما تقدم الشركات خيار الديكوي بذكاء، ترتفع مبيعاتها للخيار المستهدف (عادةً ما يكون هو الخيار الأغلى والأكثر ربحًا). بالرغم من ذلك، لا يدرك المستهلك أن استراتيجية العرض هذه قد وجهت خياره بطريقة غير مباشرة. على العكس تمامًا، يشعر المستهلك أنه اتخذ قرارًا منطقيًا ومحسوبًا في لحظة الشراء.
2- تفضيل الجودة العالية عن السعر المنخفض.
عادة ما المستهلكون ينفرون من الجودة المنخفضة. ويفضلون ذلك على السعر المرتفع. هنا يبرز دور الطعم بفاعلية. فهو يستغل الميول البشرية في الشراء. هذا يدفع العميل نحو خيار بجودة أعلى. كما أنه خيار بسعر أعلى. لكن، في الوقت نفسه، يشعر المستهلك أنه اتخذ قراراً مستنيراً
3- تاثير ديكوي للتقليل من مفارقة الاختيار.
لقد ذكرنا في مفارقة الاختيار أن التجارب السلوكية تُظهر باستمرار أن زيادة تعقيد الاختيار يزيد من القلق، فمع وجود المزيد من الخيارات الذي يبدو إيجابياً، إلا أنه قد يُسبب الشلل وصعوبة القرار.
وهنا يأتي دور “ديكوي” كحل فعال ومُدار لهذه المعضلة. فبدلاً من ترك المستهلك يتخبط بين خيارات متعددة قد تبدو متقاربة، يقوم المسوقون بوضع خيار “طعم” (Decoy) يتم تصميمه خصيصاً لجعل أحد الخيارات الأصلية يبدو “أفضل” بشكل واضح وموضوعي. هذا الخيار الطعم، حتى لو كان غير جذاب بحد ذاته، لكنه يقلل من تعقيد عملية المقارنة في ذهن المستهلك، ويبرز الخيار المستهدف كخيار “مهيمن”.
4- اداة ذكية لاختبار السوق.
كشفت دراسة بعنوان “كيف تستخدم الشركات ديكوي للتأثير على سلوك إنفاق المستهلكين من خلال استراتيجيات التسعير والتسويق؟”. كما تحدثت عن تاثير ديكوي وصرف العميل حيث وضحت ان الفكرة الأساسية هي أن الشركات لا تضطر لتطوير منتج جديد بالكامل أو ميزة باهظة التكلفة دون معرفة ما إذا كان المستهلكون سيرغبون بها حقًا ويدفعون ثمنها.
بدلاً من ذلك، يمكن للشركات وضع خيار “طعم” (Decoy) يكون سعره قريباً جداً من الخيار المستهدف (الذي يحتوي على الميزة المراد اختبارها)، ولكنه يقدم قيمة أقل بوضوح. هذا التصميم يجعل الخيار المستهدف يبدو “صفقة لا تقاوم”.
علاوة على ذلك تتبع الشركات عدد العملاء الذين يختارون هذا الخيار المستهدف، حيث تحصل الشركات على بيانات سلوكية حقيقية وموثوقة حول مدى رغبة المستهلكين في دفع ثمن الميزة الجديدة. الذي يقلل بشكل كبير من المخاطر المالية المرتبطة بالابتكار، ويُمكن الشركات من اتخاذ قرارات استثمارية أكثر ذكاءً بناءً على استجابة السوق الفعلية.
في الختام، يوضح “تاثير ديكوي” (Decoy Effect) تقنية تقدم خيار اضافي، يقدم حتى يشعر المستهلك بأن الخيار “المستهدف” (الذي ترغب الشركة في توجيه العميل إليه) يُعد أفضل صفقة بشكل واضح، وذلك لأن الخيار الاضافي (الطعم) يُقدم مميزات أقل وبسعر قريب جداً من الخيار المستهدف. هذا التأثير يستغل طبيعة اتخاذ القرارات البشرية غير العقلانية دائمًا، والتي تتأثر بالسياق وكيفية تقديم البدائل.